أي موضع كان من بدنه عند العجز، وحينئذٍ لا نحتاج إلى تقييد ذلك بقولنا:«المقدور عليه»؛ لأن الذكاة تكون حتى في غير المقدور عليه، كما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في كلام المؤلف.
فإن قلت: ما الدليل على أنه لا يحل؟ فالدليل قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣]، فاشترط الله الذكاة، فإذا اشترط الله الذكاة لحل هذه التي أصابها سبب الموت، فكذلك غيرها من باب أولى؛ لأنا نقول: إذا كانت هذه التي أصيبت بسبب الموت لا تحل إلا بذكاة، فالتي لم تصب من باب أولى؛ لأنه إذا لم يُعفَ عن الذكاة في هذه التي أصيبت بسبب الموت، فألاَّ يعفى عنها فيما سواها من باب أولى، وحينئذٍ لا يحل إلا بذكاة.
أما التعليل فهو ما أجمع عليه الأطباء من أن احتقان الدم في الحيوان مضرٌّ جدّاً بالصحة، ويسبب أمراضاً عسيرة البرء، وحينئذٍ نعرف حكمة الشارع في إيجاب الذكاة، ولهذا فالمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، هذه الخمس أصيبت بما يُميتها، يعني ما ماتت حتف أنفها، ومع ذلك لم تحل؛ لاحتقان الدم فيها.
قوله:«إلا الجراد» فيحل بدون ذكاة، مع أن الجراد لا يعيش إلا في البر، لكنه يحل بغير ذكاة، لماذا؟
الجواب: أولاً: من حيث الدليل قال النبي ﷺ: «أحلت لنا