للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيَّض الله لهم حوتاً كبيراً يسمى العنبر، وجدوه على الساحل، وكان عظيم الجسم، حتى إنه ليجلس النفر في قحف عينه فيسعهم من كبره، وحتى إنهم أخذوا ضلعاً من أضلاعه، ونصبوه، ورحلوا أكبر جمل عندهم فمر من تحت الضلع، فأكلوا، وشبعوا، وأتوا بشيء منه للنبي (١).

وكذلك ـ أيضاً ـ حديث ابن عمر : «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت» (٢)، فصار في حل السمك والحوت بغير ذكاة دليل من الكتاب، ومن السنة.

وهو حلال ولو كان فيه دم، ومعلوم أن السمك الكبير فيه دم.

فإن قلت: كيف يحل وفيه دم محتقن، وقد علَّلتَ تحريم الميتة، وشبهها بأن فيها دماً محتقناً ضاراً؟

قلنا: إن الضرر، وانتفاء الضرر، بيد من بيده النفع والضر، وهو الله ﷿، وإذا أباح الله لعباده ميتة فإننا نجزم بأن دمها المحتقن لا يضر، وهذا من حكمة الله ﷿؛ وذلك لأن الحصول على السمك حتى تذكيه أمر متعسِّر، أو متعذِّر، فلذلك كان من حكمة الله ﷿ ورحمته أنه أباح لعباده هذا السمك بدون ذكاة.


(١) سبق تخريجه ص (٥٥).
(٢) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في الذبائح والصيد/ باب ذبائح أهل الكتاب، ووصله البيهقي (٩/ ٢٨٢) عن عليّ بن أبي طلحة عنه. وانظر: الإرواء (٨/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>