للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أمر معلوم؛ لأننا لو فسَّرنا الطعام هنا بالخبز، والتمر، وما أشبهه لم يكن فرق بين الكتابيين وغير الكتابيين، فإن غير الكتابيين ـ أيضاً ـ يحل لنا أن نأكل خبزهم، وتمرهم، وما أشبه ذلك، فالمراد بطعامهم ذبائحهم، وإنما أضافه إليهم؛ لأنهم ذبحوه ليَطْعَموه.

ومن السنة أن النبي كان يأكل ذبائح اليهود، فقد أهدت إليه امرأة شاةً في خيبر فقبلها (١)، ودعاه يهودي إلى خبز شعير، وإهالةٍ سنخة وهي الشحم المتغير المنتن، فقبل (٢)، وأكل ، وثبت ـ أيضاً ـ في الصحيح أن عبد الله بن مغفل أخذ جراباً من شحم رُمي به في خيبر، فالتفت فإذا النبي وراءه يضحك (٣)، وهذه سنة إقرارية.

فإن قلت: أفلا يمكن أن يكون الذابح مسلماً؟

الجواب: نقول: هذا احتمال بعيد، وخلاف الظاهر، ولو كان لا يحل ما قدموه للرسول إلا بتذكية مسلم، ولكان الرسول يسأل عنه حينئذٍ؛


(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٢١٠، ٢٧٠) إلا أن الحافظ ابن حجر قد نقل هذا الحديث في «أطراف المسند» (١/ ٤٧٢) بلفظ: «أن خياطاً» بدل «يهودياً» وهو الموافق لبقية روايات المسند (٣/ ٢٥٢، ٢٨٩، ٢٩٠) وهو الموافق لرواية البخاري (٥٣٧٩) غير أنه لم يذكر خبز الشعير والإهالة السنخة.
(٢) أخرجه البخاري في فرض الخمس/ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب (٣١٥٣)، ومسلم في الجهاد والسير/ باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب (١٧٧٢) عن عبد الله بن مغفل ، واللفظ لمسلم.
(٣) أخرجه البخاري في الذبائح والصيد/ باب ذبيحة المرأة والأَمَة (٥٥٠٤) عن كعب بن مالك .

<<  <  ج: ص:  >  >>