أما السن فسن، لقلنا: السن هو الذي لا تجوز الذبيحة به، لكنه قال:«أما السن فعظم»، فالعلة أعم من المعلول؛ لأن كل سن عظم، وليس كل عظم سناً.
والعلماء مختلفون في هذا، فمنهم من قال: أما السن فعظم مع كونه سِنّاً، فإذا كان عظم وليس بسنٍّ فقد تخلَّف أحد جُزئي العلة وهي السن، فتحل الذبيحة به.
وقال بعض العلماء ـ ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: إن الذكاة لا تصح بجميع العظام؛ لأن الرسول ﷺ قال:«أما السنُّ فعظم» والتعليل بكونه عظماً معقول المعنى؛ لأن العظم إن كان من ميتة فهو نجس، والنجس لا يصح أن يكون آلة للتطهير والتذكية، وإن كان العظم من مذكاة فإن الذبح به تنجيس له، والنبي ﷺ نهى عن الاستنجاء بالعظام؛ لأنه ينجِّسه، والعظام زاد إخواننا من الجن؛ لأن الجن لهم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يجدونه أوفر ما يكون لحماً (١)، وعليه يكون تعليل عدم جواز التذكية بالعظم معقول المعنى.
وأولئك قالوا: إن العلة مركَّبة من جزئين: السن، والعظم، ولو كان النبي ﷺ يريد العظام جميعاً لقال:«إلاَّ العظم والظفر»، فلمّا لم يقل ذلك علمنا أنه أراد المعنيين.
لكن الراجح ما اختاره شيخ الإسلام؛ لأن التعليل واضح، والقاعدة الشرعية أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.