والأصل في الفعل الصادر من أهله الصحة حتى يقوم دليل الفساد، وهذه قاعدة معتبرة في الشرع، ولو أن الناس كُلِّفُوا أن يعلموا شرط الحل فيمن انتقل منه، لكان في ذلك من العسر والمشقة ما لا يعلمه إلا الله، ولكان الرجل إذا أراد أن يبيع الشيء عليَّ قلتُ له: من أين ملكت هذا الشيء؟! وبأي سببٍ ملكته؟! لأن من شرط حل البيع أن يكون البائع مالكاً للشيء، فلا بد إذاً أن أعلم.
ولو جاء رجل يريد أن يزوِّج ابنته فقال: زوجتك بنتي، فيقول له مثلاً: ومن يقول: إنها ابنتك؟! لا بد أن تأتيني بشهادةٍ تشهد أنها وُلدت على فراشك! وهذا فيه من العسر والمشقة ما لا يمكن، فالأصل في الفعل الصادر من أهله الصِّحَّة. ولو أننا قلنا إن الأصل عدم الصحة وأنه لا بد أنه يعلم شروط الصحة لشق ذلك على الناس مشقة لا تحتمل.
ولهذا لو جاءنا لحم من القصَّابين ـ الجزارين ـ المسلمين فهل يشترط أن نعلم أنهم سموا؟ لا، واحتمال أنهم لم يسموا واردٌ، ومع ذلك لا يشترط، بل نشتري ونأكل ولا نقول شيئاً، فهذه قاعدة مطَّردة: أن الأصل في الفعل الصادر من أهله الصحة، ما لم يقم دليل الفساد، والرسول ﵊ لما قال:«سموا أنتم وكلوا» كأنه يشير إلى نقدٍ لاذع لهم، كأنه يقول: لستم مكلفين بفعل غيركم، والذبح ليس فعلكم بل فعل الغير، وأنتم غير مسؤولين عنه، ولكنكم مسؤولون عما تفعلون أنتم، فأنتم سموا وكلوا، وهذا واضح لمن تأمله.
وحينئذٍ فلا يكون في هذا الحديث دليل على سقوط التسمية