للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: الذي يشترط أن يكون معلماً، وأما ألاَّ يأكل فهذا يرجع إلى العادة، فإذا أكل الشيء القليل الذي لا بد للسبع من أكله من فريسته فإن ذلك لا يضر، ولا ينافي أن يكون أمسك عليك؛ لأنه لو أمسك على نفسه لأكلها كلها، لا سيما إذا كانت صغيرة، ولكن الصواب القول الأول.

وفصَّل بعض العلماء فقال: إن كان جائعاً فأكل فإن ما بقي يحل، وإن كان غير جائع فإنه لا يحل، ونعرف أنه جائع أو غير جائع من إطعامه إياه، فإن كان أكله من الصيد بعد تناوله العشاء مثلاً فإنه شبعان، لكن إن كان له يومان لم يأكل وأكل من الصيد فإنه جائع، وهذا لا يسلم منه شيء من الجوارح، ولكن ظاهر الأحاديث يدل على أنه إذا أكل فلا تأكل، قال النبي : «إنما أمسك على نفسه» (١)، وهناك أحاديث أخرى لكنها أقل صحة من هذا الحديث، قيل للنبي : آكل مما أمسك؟ قال: «كُل» قال: أكل أو لم يأكل؟ قال: «أكل أو لم يأكل» (٢) فمن العلماء من استدل بهذا الحديث على أنه لا يشترط ألاّ يأكل، ومن العلماء من فصل وجعل الحديثين يتنزلان على حالين، يكون أكل أم لم يأكل في حال الجوع، واشتراط ألا يأكل في حال الشبع، وهذا في الحقيقة جمع بين الدليلين.

وبعض العلماء جمع بينهما فقال: إن الرسول كان يخاطب في الأول رجلاً غنياً، فقال: «فإذا أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه»، وفي الثاني يخاطب رجلاً فقيراً، لكن هذا


(١) رواه الترمذي في أبواب الصيد/ باب في من يرمي الصيد فيجده في الماء (١٤٩٦).
(٢) أخرجه البيهقي (٩/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>