للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وهي التي قُصد عقدها على مستقبل ممكن» فجمعت ثلاثة شروط:

الأول: قصد عقدها.

الثاني: على مستقبل.

الثالث: على أمر ممكن.

فقوله: «قصد عقدها» يفيد أنه لا بد أن يكون الحالف ممن له قصد، فإن لم يكن له قصد فلا عبرة بيمينه، كالمجنون لو حلف ألف مرة لا تنعقد يمينه، لأنه ليس له قصد، وكذلك المخرِّف لا تنعقد يمينه؛ لأنه لا قصد له، وكذلك السكران، ومن اشتد غضبه لا تنعقد يمينهما؛ لأنه لا قصد لهما، وكذلك الصبي دون التمييز لا تنعقد يمينه، فإن كان فوق التمييز ودون البلوغ، فظاهر كلام المؤلف أن يمينه تنعقد؛ لأن له قصداً صحيحاً، ولهذا ذكر الفقهاء أن المميز تصح ذكاته؛ لأن له قصداً صحيحاً، وذكروا في باب الإيلاء أنه يصح من المميز، وهذا أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد، والقول الثاني وهو المذهب: أنه لا يصح إلا من المكلف.

فأما الذين قالوا: إنه يكفي التمييز، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]، وقوله: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥]، فقالوا: هذا عام، وهذه يمين، وانعقادها والحنث فيها ليس من باب الأحكام التكليفية، ولكنه من باب الأحكام الوضعية، أي أنه سبب وُضع على مسبب. فالصبي لو قتل إنساناً وجبت عليه الكفارة وإذا حنث في اليمين تجب عليه الكفارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>