للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا وجه له؛ لأن الحلف إنما يقصد به تأكيد فعل المحلوف عليه، وهذا أمر مستحيل، فتكون ـ أيضاً ـ لغواً.

مثال المستحيل لذاته: أن يقول: والله لأقتلن الميت؛ لأن الميت لا يرد عليه القتل، فهذا لا تنعقد يمينه على كلام المؤلف؛ لأن هذا لغوٍ، لأنه لن يقتل الميت أبداً، فقد حلف على نفي المستحيل، والمذهب أن عليه الكفارة في الحال؛ لأن تحقق حنثه معلوم، فيجب عليه أن يكفر في الحال ولا ينتظر.

ولو تأذّى بنباح كلب، فقال: والله لأقتلن هذا الكلب حياً، أو ميتاً، فهنا تنعقد يمينه؛ لأنه قد يكون حياً، وقوله: حياً أو ميتاً، فهو من باب تأكيد قتله.

ومثال المستحيل عادة: لو قال: والله لأطيرنَّ.

فالخلاصة أنه إذا حلف على أمر مستحيل، فعلى كلام المؤلف أنها لا تنعقد، والمذهب: إن كان على فعله فهو حانث في الحال، وتجب عليه الكفارة، وإن كان على عدمه فهي لغو غير منعقدة؛ لأنه حلف على أمر لا يمكن وجوده.

فإذا قال قائل: ما الدليل على اشتراط الاستقبال؟

فالجواب: قوله : «من حلف على يمين هو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان» (١).

ولم يقل: إن عليه الكفارة، إنما ذكر أن عليه هذا الإثم،


(١) أخرجه البخاري في الخصومات/ باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (٢٤١٦ ـ ٢٤١٧)، ومسلم في الأيمان/ باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (١٣٨) عن عبد الله بن مسعود .

<<  <  ج: ص:  >  >>