للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الناس، ما نستطيع أن ندركها، وإلا لقال الإنسان: جعل الله إطعام المسكين في صيام رمضان عن يوم، وفي كفارة الظهار والجماع في نهار رمضان عن يوم تقريباً، فلماذا جعل هنا مختلفاً؟

نقول: هذه من الأمور التي لا ندركها، والله أعلم.

قوله: «متتابعة» أي: واحداً تلو الآخر، فإن صامها متفرقة لم تجزئ، فلو صام يوماً وأفطر يوماً، وصام يوماً وأفطر يوماً، وصام يوماً فيبقى عليه يومان؛ لأن اليومين السابقين أفطر بينهما فلم يصحَّا، فما الدليل، وقد قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾، ولم يقل: متتابعة، والأصل عدم التتابع والله تعالى لما أراد التتابع قال: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [المجادلة: ٤]، ولما أراد الإطلاق قال: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] وهنا عين العدد، ولم يذكر التتابع؟

قال العلماء: الدليل على ذلك قراءة عبد الله بن مسعود : «فصيام ثلاثة أيام متتابعة» (١)، وقراءة ابن مسعود حجة، قال النبي : «من أراد أن يقرأ القرآن غضّاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» (٢) يعني ابن مسعود؛ إذاً فقراءته إذا صحت عنه تكون ثابتة وحجة، ويكون هذا هو الدليل، وإلا لوجب أن نطلق ما أطلقه الله.


(١) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١٦١٠٣)، والبيهقي (١٠/ ٦٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٤٤٥)، وابن ماجه في المقدمة/ باب في فضائل أصحاب رسول الله (١٣٨)، والحاكم (٢/ ٢٢٧)، وقال: «صحيح الإسناد على شرط الشيخين».

<<  <  ج: ص:  >  >>