للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: رجل قيل له: إن ابنك يصاحب الأشرار، فقال: والله لا أكلمه ما حييت، بناءً على أنه يصاحب الأشرار، فجاء إليه رجل، وقال له: لماذا لا تكلمه؟ فقال: لأنه يصاحب الأشرار، فلاناً، وفلاناً، فقال له: هؤلاء أناس طيبون جداً ومن أحسن الشباب، فكيف تمنعه؟! قال: قال لي فلان: إنهم أشرار، قال: نعم، هم أشرار عنده؛ لأنهم أخيار وهو شرٌّ، والشرُّ يرى الأخيارَ أشراراً، فهل إذا كلَّمه أبوه في هذه الحال عليه الكفارة؟ ليس عليه الكفارة؛ لأنه معروفٌ قصده، وسبب اليمين أن ابنه يصاحب الأشرار، فكأن هذا الحالف قال: إن كان ابني مصاحباً للأشرار فلا أكلمه، وهو وإن لم يقل هذا الشرط بلفظه فهو مضمر له في نفسه.

ولو قيل له: اذهب معنا، نريد أن نسافر إلى بلدٍ ما، فقال: البلد الفلاني؟ قالوا: نعم، قال: والله ما أسافر إليه؛ لأنه كان يعلم أنها بلد تشرب فيها الخمور، ويعصى فيها الله ﷿ علانية، ولا يُحكم فيها بما أنزل الله، فقيل له: الحكم تغير، تولاها رجل مؤمن صالح، فأزال الظلم وحكم بشريعة الله، واختفى الفُسَّاق، فلو سافر إليها أعليه كفارة؟ لا؛ لأننا علمنا أن سبب يمينه هذا البلاء الذي في هذا البلد، فكأنه قال: والله لا أسافر إليه ما دام كذلك، والآن زال هذا الأمر فله أن يسافر.

ولو قال: والله لا أكلم زيداً؛ بناءً على أنه سمع أن زيداً رجل وضيع، لا ينبغي لمثله أن يكلمه، فتبين له أن زيداً رجل شريف فكلمه، فهنا نقول: لا حنث عليه؛ لأن السبب الذي جعله يحلف تبين عدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>