ثلث الكل، فإنه يجزئه قدر الثلث» استثنى المؤلف من قوله:«لزمه الوفاء به» إذا نذر الصدقة بماله كله فإنه يجزئه قدر الثلث، مثل أن يقول: إن شفى الله مريضي فللَّه عليّ نذر أن أتصدق بجميع مالي، وهذا نذر تبرر معلق، أو يقول: لله عليّ نذر أن أتصدق بجميع مالي، وهذا نذر تبرر مطلق، فيجزئه قدر الثلث، واستدل الأصحاب ﵏ لهذا بحديث كعب بن مالك ﵁، وحديث أبي لبابة بن عبد المنذر ﵁.
أما كعب بن مالك فتخلف عن غزوة تبوك بدون عذر، ولما رجع النبي ﷺ من تبوك جاء المنافقون يعتذرون إلى النبي ﷺ، فكان يعذرهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله، ويفرحون بهذا؛ لأنهم أهل ظاهر، فيفرحون بالظاهر، ويقولون: يكفينا استغفار النبي ﷺ لنا، وما علموا أن الله قال: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]ـ والعياذ بالله ـ أما كعب بن مالك، ﵁ وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع ﵃ فصدقوا، وقالوا: ما لنا عذر، وكعب بن مالك ﵁ تكلم بين يدي النبي ﷺ بكلام فصيح عجيب؛ لأنه أشب القوم وأجلدهم، وقال: إني أوتيت جدلاً، يعني أقدر أن أخاصم، وأعرف أن أتخلص، ولكن لا يمكن أن أتقدم إليك بعذر اليوم فتعذرني، ثم يفضحني الله ـ تعالى ـ غداً ـ الله أكبر ـ انظر الإيمان واليقين، المنافقون قال الله فيهم: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا