لك ذلك، فقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: ٣٤]، وهذا شيء عاهدت الله عليه أن يكون متتابعاً، فتابعه.
فإذا قال قائل: لماذا لا تجوِّزون لي التفريق؛ لأنه أسهل؟ ومن الذي قال لكم: إن التتابع من البر حتى تلزموني به؟
فالجواب: لو راعيت أيها الناذرُ الأسهلَ لم تنذر أصلاً، أنت الذي ألزمت به نفسك، وأما التتابع فإنه من البر؛ لأن الله تعالى اشترطه في الكفارة، ولولا أنه محبوب إلى الله ﷿ ما اشترطه، ثم على فرض أنه ليس من البر فأنت نذرت لله ﷿ عبادة موصوفة بصفة غير محرمة، فتكون الصفة تابعة للموصوف، فإذا نذرت شهرين متتابعين، والتتابع غير محرم، وصوم الشهرين مشروع بالنذر فالتتابع مشروع، فيلزمك الوفاء به على ما شرطت.
والدليل على أنه يلزمه التتابع إذا كان بنية الحديث الأصل الذي يعتبر عمدة وعماداً لكل الأعمال الصالحة، وهو قول الرسول ﵊:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»(١).