العمل، وأنت تصلي ـ إن شاء الله ـ وترجع إلى عملك، فقال له العامل: جزاك الله خيراً، أنت الوجه المبارك، فترك عمله وراح وصلى، فهذا شاهد واقعي يصدق ذلك، وإن كان قول الرسول صدقاً بلا تصديق؛ لأنه الصادق المصدوق، لكن الواقع يزيدك إيماناً بأن الرفق خير من العنف، لكن ـ الله يعفو عنا ـ فالحقيقة أننا أحياناً تأخذنا الغيرة، ونعجز أن نملك أنفسنا، فنعنف ونغضب وتتوتر أعصابنا، ولكن الأولى لنا أن نهدأ وننظر.
قال النبي ﷺ:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه»(١) مثال ذلك: رجل مر بصاحب عود يعزف به، فأول ما يجب عليه أن يكسره، فليغيره بيده، إذا لم يستطع فبلسانه، بمعنى أن يتكلم عند من يمكنه أن يكسره، فإن لم يستطع فبقلبه، يكرهه، وينكره، ولا يصاحبُ صاحبَه، وهذه المسألة تخفى على كثير من الناس، يظنون أنك إذا كرهت المنكر بقلبك فاجلس مع أهله! وهذا خطأ؛ لأن الله ﷿ يقول: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَئُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾، ثم قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ إِذًا﴾ يعني إن قعدتم ﴿مَثَلُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٠] فالمُنكِر بالقلب ما يقعد، وهل يُعقل أن إنساناً يكره شيئاً ويجلس عند من يفعله؟! ما يعقل أبداً.
هذه ثلاثة أمور: دعوة، وأمر، وتغيير، تشتبه على بعض
(١) أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (٤٩) عن أبي سعيد الخدري ﵁.