فالجواب: أن الرسول ﵊ لم يصرح بأن علياً هو الخليفة من بعده، بل قال:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، حين خلّفه على أهله، كما خلف موسى هارون على قومه في حياته، وهذا كالاستنابة والوكالة، يعني كما لو غاب إنسان إلى بلد، وقال لشخص آخر: اخلفني في أهلي، اقضِ حوائجهم، فإن هذا لا يعني أنه وصيٌّ من بعده، وإنما يدل على أنه نائبه في حياته لمدة محدودة، أما الخلافة فإنها تكون بعد موت الأول نهائياً ومفارقته الدنيا، ولا يمكنه أن يعزل الخليفة من بعده؛ لأنه ميت، أما هذا فيمكن أن يعزله، فيرسل له ويقول: رفعتُ خلافتك على أهلي.
وإذا ثبتت خلافة أبي بكر ثبتت خلافة عمر، وإذا ثبتت خلافة عمر ثبتت خلافة عثمان ﵃، ولذلك فالرافضة لا يقرون بخلافة أبي بكر؛ لأجل أن يهدموا خلافته، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، وينتهوا إلى خليفة لم يُخلَّف، إلى خليفة هو بنفسه ﵁ بايع أبا بكر وعمر ﵄، وكان يقول ﵁:«إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر»(١).
إذاً تثبت الخلافة بالنص، يعني نص الخليفة الأول على أن الخليفة بعده فلان.
(١) أخرجه البخاري في المناقب/ باب قوله النبي ﷺ: «لو كنت متخذاً خليلاً» (٣٦٧١) عن محمد بن الحنفية، ولفظه: «قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله ﷺ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين».