عليهم ابنته، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال:«لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»، فقيل في الحديث: إنه عام؛ لأن كلمة «قوم» نكرة في سياق النفي فتكون عامة، والقوم هم الرجال؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ﴾ [الحجرات: ١١] وإذا أطلق القوم وحدهم ربما يدخل فيه النساء كقول الرسل لأقوامهم: ﴿يَاقَوْمِ﴾ [نوح: ٢] و ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ﴾ [البقرة: ٥٤] وما أشبه ذلك، ويرى آخرون أنه خاص، يعني كأنه قال: هؤلاء القوم لا خير فيهم ولن يفلحوا؛ لأنهم ولوا أمرهم امرأة، وبناء على هذا القول يقول مدعوه: إنه لا يلزم أن لا يفلح كل قوم ولوا أمرهم امرأة؛ لأننا نرى أقواماً ولوا أمرهم امرأة ونجحت! وهؤلاء هم الدعاة الذين يدعون إلى أن تكون المرأة وزيراً، ورئيساً، وما أشبه ذلك، ويقولون: هذا الحديث لا يمنع، فهو ورد في قوم معينين، يعني لن يفلح هؤلاء القوم؛ لأنهم ولوا أمرهم امرأة.
ولكن نحن نقول: إن هذا الحديث وإن تنازلنا وقلنا: إنه يراد به هؤلاء القوم الذين ولوا أمرهم امرأة، فإننا نقول: ومن سواهم مثلهم، يقاس عليهم، فأي: فرق بين الفرس وغيرهم؟! المقصود أن عدم الفلاح رتب على كون الوالي امرأة، ولا فرق فيه بين الفرس والعرب والروم وغيرهم، فإذا كان لا يشمل من سوى الفرس بمقتضى اللفظ فإنه يشمله بمقتضى المعنى، وكيف لا يفلح هؤلاء القوم لما ولوا أمرهم امرأة، ويفلح أقوام آخرون ولوا أمرهم امرأة؟!