بالسؤال بعد دخولهما عليه قائلاً: ما قضيتكما؟ حتى لا يضيع عليه الوقت أو يحرج نفسه بإسكات المتكلم. فصار يجب العدل في هذه الأمور الأربعة، وفي غيرها أيضاً، وإنما نص المؤلف على هذه الأربعة لأنها دقيقة، وربما لا يلقي لها بعض القضاة بالاً، ولا يهتم بها، وأما العدل في كيفية الحكم، وفي تلقي الحجة، وفي المحاجة، فهذا أمر لا شك في وجوبه، ولكنه ذكر هذه الأشياء؛ لأنه إذا وجب العدل فيها وجب فيما هو أولى منها.
قوله:«وينبغي أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب ويشاورهم فيما يشكل عليه» فإذا كان في البلد عدة مذاهب فينبغي أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب، فإذا كان في البلد خمسة مذاهب، حنفي، ومالكي، وشافعي، وحنبلي، وظاهري، أحضر من كل مذهب فقيهاً، حتى إذا أشكل عليه شيء شاورهم، هكذا قال المؤلف تبعاً لغيره من فقهاء المذهب، والصحيح أن هذا ليس بمستحب، بل تركه هو المستحب؛ لأن إحضار الفقهاء فيه عدة محاذير:
الأول: أن من القضايا ما يحب الخصمان أن يكون سراً، لا يطلع عليه أحد، فإذا أحضر القاضي أناساً، وقد لا يحتاج إليهم فإن الخصمين يخجلان من ذلك.
الثاني: أنه قد يكون بعض الفقهاء من الثرثارين المتكلمين، فتنتشر قضايا المسلمين بين الناس.