للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشر، وإلا فمن يتهم الرسول بمثل هذا الاتهام؟! فغضب النبي انتقاماً لله؛ لأنه يحكم بأمر الله وشرعه، ثم قال: «يا زبير، اسق حتى يصل إلى الجَدْر، ثم أرسله إلى جارك» (١)، فاحتفظ النبي بحق الزبير لما أغضبه الأنصاري، لكن هذا الغضب يسير لا يمنع تصور القضية، وانطباق الحكم الشرعي عليها.

قوله: «أو حاقن» يعني لا يقضي وهو حاقن، وهو المحصور بالبول، وأما الحاقب فهو المحصور بالغائط، فلا يقضين بين اثنين في هذه الحال؛ لأن هذه الحال تشبه حال الغضب في عدم تصور القضية وانطباق الحكم الشرعي عليها.

قوله: «أو في شدة جوع» أي: يحرم عليه القضاء في شدة جوع، حتى وإن كان سببه الصيام، فلو جاءا يتحاكمان إليه في آخر النهار وهو جائع جوعاً شديداً، نقول: لا تقضِ بينهما، فإذا صرفهما، فهل يستفيد من ذلك بأن يأكل؟ لا يستفيد ذلك؛ لأنه لن يأكل حتى تغرب الشمس، ولكنه يستفيد أن لا يخطئ في الحكم، بخلاف المصلي إذا أراد أن يصلي وهو جائع فلا نقول له: لا تصل حتى تفطر وتأكل؛ لأن الصلاة يفوت وقتها، أما الحكم بين اثنين فلا يفوت وقته.

قوله: «أو عطش» كذلك لا يقضي في شدة العطش؛ لأن ذهنه مُشوش، حتى يشرب ثم يقضي بينهما.


(١) أخرجه البخاري في المساقاة/ باب سكر الأنهار (٢٣٦٠)، ومسلم في الفضائل/ باب وجوب اتباعه (٢٣٥٧) عن عبد الله بن الزبير .

<<  <  ج: ص:  >  >>