أولاً: للحديث الصحيح: أن النبي ﷺ لعن الراشي والمرتشي (١)، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا يقتضي أن تكون الرشوة من كبائر الذنوب.
ثانياً: أن فيها فساد الخلق؛ فإن الناس إذا كانوا يُحكم لهم بحسب الرشوة فسد الناس، وصاروا يتباهون فيها أيهم أكثر رشوة، فإذا كان الخصم إذا أعطى ألفاً حكم له، وإذا أعطى ثمانمائة لم يحكم له، فسيعطي ألفاً، وإذا ظن أن خصمه سيعطي ألفاً أعطى ألفين، وهكذا فيفسد الناس.
ثالثاً: أنها سبب لتغيير حكم الله ﷿؛ لأنه بطبيعة الحال النفس حيّافة ميّالة، تميل إلى من أحسن إليها، فإذا أعطي القاضي رشوة حكم بغير ما أنزل الله، فكان في هذا تغيير لحكم الله ﷿.
رابعاً: أن فيها ظلماً وجَوراً؛ لأنه إذا حكم للراشي على خصمه بغير حق فقد ظلم الخصم، ولا شك أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الجور من أسباب البلايا العامة، كالقحط وغيره.
خامساً: أن فيها أكلاً للمال بالباطل، أو تسليطاً على أكل
(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ١٦٤)، وأبو داود في الأقضية/ باب في كراهية الرشوة (٣٥٨٠)، والترمذي في الأحكام/ باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم (١٣٣٦)، وابن ماجه في الأحكام/ باب التغليظ في الحيف والرشوة (٢٣١٣)، وابن حبان (١١/ ٤٦٧)، والحاكم (٤/ ١١٥)، والبيهقي (١٠/ ١٣٨). قال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الحاكم.