لا أقضي بينكما إلا بكذا وكذا، حسب القضية إن كانت كبيرة قال: أقضي بينكما بشيء كثير، وإذا كانت صغيرة بشيء قليل، فهل يجوز ذلك أو لا؟
في ذلك خلاف، المشهور من المذهب أنه يجوز، والصحيح أنه لا يجوز؛ لأن هذا أخذُ عوض على أمر واجب عليه، فإن الحكم بين الناس واجب، وهو إذا عود نفسه هذا، هل سيقتصر على مقدار الكفاية؟ أبداً سيطمع، وإذا جعل الجُعل مثلاً على الألف خمسة في اليوم الأول، جعل على الألف في اليوم الثاني عشرة وازداد طمعاً، فالصواب أن هذا لا يجوز، ويقال له: اتق الله بقدر ما تستطيع، اعمل في السوق، واقض بين الناس في وقت آخر، لكن هذه المسألة نادرة الوقوع جداً، وفي زماننا هذا ـ ولله الحمد ـ القضاة لهم أرزاق من بيت المال أكثر من كفايتهم.
قوله:«وكذا هدية، إلا ممن كان يهاديه قبل ولايته، إذا لم تكن له حكومةٌ» يعني يحرم على القاضي أن يقبل هدية، فإذا أهدى له إنسان فلا يجوز أن يقبلها، سواء كان لهذا المُهدي حكومة أم لم يكن، وعلى هذا فإذا انتصب رجل للقضاء اليوم الثلاثاء، ففي يوم الاثنين ـ أمس ـ يجوز أن يقبلها، أما اليوم فلا يجوز أن يقبلها إلا بشرطين:
الأول: أن يكون لهذا المُهدي عادة أن يُهدي إلى هذا القاضي قبل أن يتولى القضاء.