الكلام، المهم إذا سكت فلا بأس، ولكن لا شك أن المؤلف لا يريد من القاضي أن يسكت إلى ما لا نهاية له؛ لأن هذا ضياع لوقته ولوقتهما، لكن يسكت مدة يرى أنهما لو أرادا أن يتكلَّما تكلَّما، فإذا مضت مدة إذا أرادا أن يتكلَّما تكلَّما ولم يتكلَّما، قال لهما: ماذا عندكما؟ لأنهما قد يسكتان هيبة للمقام، لا سيما إذا كان القاضي مهيباً.
قوله:«فمن سبق بالدعوى قدمه» وهذا إذا ما كانت الدعوى من الجانبين، أي: أن كل واحد منهما يدعي على الآخر، فإن من سبق بالدعوى يقدمه، والغالب أن الدعوى تكون من جانب واحد، فأحد الخصمين مدعٍ والآخر مدعى عليه، وفي هذه الحال معلوم أن المدعي هو الذي سيتكلم.
قوله:«فإن أقر له حكمَ له عليه»«إن أقر» الفاعل يعود على المدعى عليه، «له» الضمير يعود على المدعي، أي: فإن أقر المدعى عليه للمدعي حكم القاضي للمدعي على المدعى عليه.
مثال ذلك: حضر إلى القاضي زيد وعمرو، فقال: أيكما المدعي؟ أو سكت حتى بدأ أحدهما، فقال زيد: أدعي على عمرو بمائة ألف ريال، فقال القاضي: ما تقول يا عمرو؟ قال: نعم، صحيح، له علي مائة ألف ريال، فإنه يحكم له عليه، وهذا ما يقع إلا نادراً؛ لأنه لو كان يريد أن يقر ما احتاج إلى أن يأتي إلى القاضي، إلا في مسألة ذكرها ابن القيم في «الطرق الحكمية»، وهي أن شخصاً كلما ادُّعِيَ عليه عند القاضي أقر، وقال: أنا ما أقدر، ما عندي شيء، ثم يؤمر به فيحبس، ثم