أخذت من التركة نقص حق الورثة، والورثة قالوا: ليس لك حق أبداً، فقلنا للمدعي: هات بينة، قال: ما عندي بينة، وليحلف الورثة أنه ليس في ذمة مورثهم لي شيء، فقال الورثة: لا نحلف، ولا ندري عن مورثنا، فقد يكون اشترى منك شيئاً، ولا أوفاك، ويمكن أنه مستقرض شيئاً ولا أوفاك فلا نحلف، أنت أعلم بذلك منا.
فظاهر كلام المؤلف أنه يحكم عليهم، ويقال: احلفوا على الأقل على نفي العلم، فإن أبوا يحكم عليهم، وعلى القول الثالث يقال للمدعي: هذا الشيء أنت تحيط به علماً، والمدعى عليهم لا يحيطون به علماً، فعليك اليمين، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، أنه إذا كان المدعي يحيط علماً بالمدعى به دون المدعى عليه، فإن اليمين ترد عليه، وإن كانا جميعاً يحيطان به علماً فلا ترد، وإن كان كلُّ منهما لا يحيط به علماً فلا ترد أيضاً، كما لو ادعى ورثة زيد على ورثة عمرو بأن لمورثهم على مورث الآخرين كذا وكذا.
ولو قال قائل بأن هذا يرجع إلى نظر الحاكم واجتهاده، لا إلى ما يحيط به المدعي أو المدعى عليه علماً، ولا إلى ما لا يحيطان به علماً، لكان له وجه قوي؛ لأن القاضي قد يعلم من قرائن الأحوال أن المدعي مبطل، فيرى أن رد اليمين عليه متأكد؛ والمدعى عليه رجل بريء، وهَابَ أن يقول: واللهِ ما عندي له شيء؛ خشية أن يكون ناسياً، فهنا يمكن للقاضي أن يرد اليمين على هذا المدعي؛ لأنه يترجح عنده كذب المدعي، وصدق المدعى عليه.