المحكمة الفلانية وفيها عدة قضاة، فإن أي قاضٍ منهم يصل إليه الكتاب يجب عليه العمل به، ونظير هذا في الحديث إجازة الرواية عن الشخص، تكون عامة وتكون خاصة، فالعامة أن يقول: أجزت كل من سمع مروياتي أن يرويها عني، والخاصة أن يقول: أجزت لفلان ابن فلان أن يروي عني جميع مسموعاتي، فالمهم أن هذا شيء معمول به لدى القضاة الحكام، ولدى الرواة، أي أنه قد يكون الشيء عاماً، وقد يكون خاصاً.
وإذا وصل كتاب القاضي إلى القاضي فإنه يجب عليه أن ينفذه؛ لأنه كالقضية التي وصلت إليه فلا يجوز أن يتخلف عنها، ولأنه لو جاز أن يرفض لتعطلت أحكام الناس، وصار هذا يكتب وهذا يرفض، ولأنه لو جاز أن يرفض لساءت ظنون الناس بالقضاة، فقالوا: إن القضاة لا يثق بعضهم ببعض، ولهذا يرفض كل واحد منهم كتابة الآخر إليه، فلهذا إذا وصل كتاب القاضي إلى القاضي لزمه العمل به، لكن لو فرض أن القاضي المكتوب إليه عجز عن ذلك فله أن يحيلها ويردها على صاحبها.
قوله:«ولا يقبل إلا أن يشهد به القاضي الكاتب شاهدين، فيقرؤه عليهما، ثم يقول: اشهدا أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان، ثم يدفعه إليهما» يعني أن القاضي إذا كتب الكتاب إلى القاضي الآخر، فلا بد من اعتبار هذه الأمور: