نصبه»، ولكن سبق لنا أن الأفعال الخمسة يجوز حذف تنوينها للتخفيف، ولو بدون ناصب أو جازم، ومنه قول الرسول ﷺ:«والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا»(١)، ولو كانت على الأصل لقال:«لا تدخلون»«ولا تؤمنون»، وأما «تؤمنوا» الأولى و «تحابوا» فحذف النون فيهما على الأصل؛ لأنهما منصوبتان بأن مضمرة بعد حتى. فيجوز حذف النون تخفيفا.
وقوله:«وبقاسم ينصبونه أو يسألوا الحاكم نصبه» يعني يجوز أن يختاروا قاسماً ينصبونه هم بأنفسهم، فيذهبون إلى القاسم المعروف ـ والغالب أن القسامين يكونون معروفين ـ ويقولون: تعالَ اقسم لنا هذه الأرض، اقسم لنا هذا البيت، اقسم لنا كذا وكذا، أو يسألون الحاكم نفسه، ويذهبون إلى القاضي ويقولون: نحن بيننا شركة في أرض، أرسل لنا قاسماً يقسم لنا.
فإذا قال قائل: أين الدليل على هذا؟
قلنا: لدينا قاعدة (لا يطالب المبيح في المعاملات بالدليل) فكل من قال: هذا مباح في معاملة، ما نقول: ما دليلك؟ لأن هذا هو الأصل، فالأصل في المعاملات، والمأكولات، والمشروبات، والملبوسات، والمسكونات، والمنتفع بها، الأصل
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٥١٢)، وأبو داود في الأدب/ باب في إفشاء السلام (٥١٩٣)، والترمذي في الاستئذان والآداب/ باب ذكر في فضل السلام (٢٦٨٨)، وابن ماجه في المقدمة/ باب في الإيمان (٦٨) قال الترمذي: حسن صحيح، والحديث صححه الألباني كما في صحيح ابن ماجه (٢/ ٣٠٠).