للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن يتعين عليك هذا في حقوق الآدميين.

أما في حقوق الله فلا يتعين التحمل، فلو دعاك شخص وقال: تعال اشهد على فلان أنه يشرب الخمر، فإنه لا يجب عليك أن تتحمل الشهادة؛ لأن هذا حق لله ﷿ وبإمكانك أن تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون أن تَشْهد، لكن لو فرض أن امتناعك يتضمن ضرراً على هذا الذي دعاك، فربما نقول: يجب؛ دفعاً للضرر، أما إذا لم يكن ضرر فإن تحملها في حق الله ليس بواجب؛ لأن هذا لا يضيع حق آدمي، إنما هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسِّتر على فاعل المحرم أو على العاصي قد يكون أفضل من إظهاره وإعلانه، وهذا يختلف بحسب الحال.

وقوله: «وإن لم يوجد إلا من يكفي تعيَّن عليه» لقول الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وهذه الآية قد يعارض فيها معارض يقول: هذا في الأداء واضح؛ لأن الرجل المدعو شاهد لا شك، ولكن قد يقول قائل ـ كما استدل به الأصحاب ـ: إن الشهيد هنا يشمل من شهد بالفعل، ومن دعي ليشهد؛ لأنه دعي للشهادة، ولنا أن نثبت هذا ـ أيضاً ـ بالقياس؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وأيهما أشد الكاتب أم الشاهد؟ الكاتب؛ لأنه يحتاج إلى تعب وعمل، وهذا ما يحتاج إلى تعب ولا عمل، بل غاية ما هنالك أن يطلع فيضبط الشهادة.

قوله: «وأداؤها فرضُ عينٍ على من تحملها متى دعي إليه»

<<  <  ج: ص:  >  >>