أنت هي؟ قالت: نعم، فقال: هل عندك لفلان عشرة آلاف؟ قالت: نعم، قال: أشهد أن فلانة بنت فلان عندها لفلان عشرة آلاف ريال، فهذا لا يمكن؛ لأن أي إنسان يمكن أن يحضر امرأة محجبة، ويقول: هذه فلانة بنت فلان، ويشهدك عليها! إذن لا بد أن يكون عالماً بمن يشهد عليه، إما باسمه، أو وصفه.
كذلك ما يشهد به من المال أو الحق أو الدَّيْن، يعني كما سبق لنا في الدعاوي، لا يشهد إلا بما يعلمه، فلا يجوز أن يشهد بالقرينة، ولا يجوز أن يشهد بغلبة الظن، بل لا بد من العلم، فلو رأى شخصاً خرج من بيتٍ هارباً وآخر يلحقه يقول: هذا الرجل سرق مني، ردوا السارق، ردوا السارق، فهل يشهد بأن هذا الرجل سارق؟ لا يجوز أن تشهد بالسرقة؛ لأنك ما تعلم، ربما أن صاحب البيت دعاه، ولما دعاه أراد منه شيئاً فأبى، فهدده بالقتل، فهرب، إذن لا تشهد بأنه سارق، لكن هل تشهد بما رأيت، بأنك رأيته هارباً، وصاحب البيت وراءه، يقول: السارق السارق؟ نعم، هذا يجوز، ويبقى النظر للحاكم، فله أن يحكم بما تدل القرائن عليه.
قوله:«برؤية أو سماع» طرق العلم خمسة، ذكر المؤلف أكثرها وقوعاً، وهي الرؤية والسماع، وبقي من الحواس ثلاث: الشم، والذوق، واللمس، إذن قوله:«برؤية أو سماع» إنما خص هذين النوعين من الحواس؛ لأن الغالب هو هذا، وإلا فيجوز أن يشهد بما يعلمه عن طريق الشم، بأن يشهد بأن هذا طِيب طيِّب، أو طِيب رديء، أو أن هذا اللحم منتن متغير، أو غير متغير، مثلاً