وفارقها الرجل وهي لم تزد على قولها: إني قد أرضعتكما، وعلى هذا فلا حاجة إلى ذكر الشروط إلا إذا علمنا أن هذا الإنسان يخفى عليه الشرط، أو غلب على ظننا أن الشروط تخفى عليه فإننا نستفصل، فإذا جاءت امرأة وقالت: إني أرضعت هذا الرجل وهذه المرأة، ونحن نعلم أو يغلب على ظننا أن مثل هذه المرأة يخفى عليها شروط الرضاعة فحينئذٍ لا بد أن نستفصل، وهذا لا ينافي ما سبق من قولنا: إن من شهد بعقد نكاح أو غيره فلا حاجة لذكر الشروط؛ وذلك لأنها إذا قالت: أرضعتكما، فالفعل يدل على مرة واحدة، فلهذا نقول: إذا علمنا، أو غلب على ظننا أن هذه المرأة لا تعرف شروط الرضاع المحرِّم، فلا بد من الاستفصال لما ذكرنا، وهو أن الأصل في الفعل الإفراد وعدم التعدد.
قوله:«أو سرقة» كذلك لو شهد بسرقة فلا بد أن يصفها، ويذكر الشروط، فيصف كيف سرق؟ ومتى سرق؟ ومن أي مكان سرق؟ وما الذي سرق؟ احتياطاً للحدود، والواقع أن هذا فيه ما يحتاط له من وجهين: من جهة الحدود، ومن جهة حقوق الآدمي؛ لأن السارق يترتب على سرقته شيئان: الأول: ضمان المال المسروق، الثاني: القطع، ولكن ينبغي أن يستفصل في هذا، فيقال: إذا شهد بالسرقة، بأن قال: أشهد أن فلاناً سرق من مال فلان كذا وكذا، أو سرق بعير فلان أو شاة فلان فإنه يحكم عليه بمجرد هذه الشهادة بدون أن يصف احتياطاً لحقوق الآدميين، ولكن لا نقيم عليه الحد حتى يصف هذه السرقة، وأنه سرقها من حرز ـ مثلاً ـ درءاً للحد بالشبهات.