فالتحفْ به» (١). ومعلوم أنه لا يُشترط لسَتْرِ العَوْرَة أن يلتحف الإنسان، بل يُغطِّي ما يجب ستره في غير الصَّلاة.
إذاً؛ فليس مَنَاط الحُكم سَتْر العَورة، إنما مَنَاط الحُكم اتِّخاذ الزِّينة، هذا هو الذي أمرَ الله به، ودلَّت عليه السُّنَّة.
والدَّليل على أنَّ من شَرْط صحَّة الصَّلاة سَتْر العَورة ما يلي:
١ - قوله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ *﴾ [الأعراف]، لأن أخذ الزِّينة يلزم منه سَتْر العورة .....
٢ - قول الرَّسول ﷺ:«إنْ كان واسعاً فالتحفْ به، وإن كان ضيقاً فاتَّزرْ به» فلا بُدَّ من الاتِّزار، وإذا كان واجباً في العبادة، فكلُّ واجب في العبادة شرط لصحَّتها، فالقاعدة الشَّرعية:«أنَّ كلَّ واجب في العبادة هو شرط لصحَّتها». فإذا تركه الإنسان عمداً بطلت هذه العبادة، ولهذا لو تركَ الإنسانُ التَّشَهُّدَ الأوَّلَ، أو الأخير في الصَّلاة مُتعمِّداً بطلت صلاتُه. وكذلك بقية الواجبات؛ لو تركها متعمِّداً بطلت الصَّلاةُ. ولهذا نقول: إنَّ سَتْرَ العورة شرط لصحَّة الصَّلاة، وأنَّ من صَلَّى من غير أن يلبس ما يستر به العورة، أو ما يجب ستره على الأصحِّ، فإن صلاتَه باطلةٌ.
٣ - نقل ابنُ عبد البَرِّ إجماعَ العُلماء على أنَّ من صَلَّى
(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة: باب إذا كان الثوب ضيقاً، رقم (٣٦١)، واللفظ له، ومسلم، كتاب الزهد: باب حديث جابر الطويل، رقم (٣٠١٠)، ولفظه: «إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدُدْهُ على حقوِك».