النطق وضده الخرس، واشترط الكلام؛ لأن الشهادة تحتاج إليه في حال الأداء، وإذا لم يكن متكلماً كيف يؤدي؟! فإن قلت: يؤدي بالإشارة، قلنا: الإشارة لا تعطي الأمر اليقيني، والشهادة يشترط فيها اليقين، ولهذا قال المؤلف:
«فلا تقبل شهادة الأخرس» وهو الذي لا ينطق، والغالب أن الأخرس لا يسمع، وعلى هذا فلا يمكن أن يشهد بالمسموع، لكن يمكن أن يشهد بالمرئي، ومع ذلك قال المؤلف:«فلا تقبل شهادة الأخرس».
«ولو فهمت إشارته»«لو» إشارة خلاف، فإن من أهل العلم من يقول: إذا فهمت إشارة الأخرس فإنها تقبل؛ لأن الشارع اعتبر الإشارة في الأمور كلها، كما ذكر ذلك البخاري في ترجمة له (١)، فكل الأمور تدخل فيها الإشارة، العبادات والمعاملات، فإذا فهمت الإشارة حصل اليقين، أرأيت لو قيل للأخرس: أتشهد أن لهذا على هذا عشرة ريالات، فقال برأسه: نعم، فهذا يقين كما لو نطق هو، فالقول بأن اليقين يتعذر في شهادة الأخرس غير صحيح، بل يمكن أن يتيقن حتى في شهادة الأخرس، وحتى لو لم نقل: عنده عشرة، بل لو كان يشير لهذا على هذا، ثم قال بيده: عشرة عشر مرات، فنفهم مائة ريال، فيؤتى بريال ويشار له به وتفهم الإشارة، المهم أن القول الراجح المتعين أن شهادة الأخرس تقبل إذا فهمت إشارته، ويدل لذلك أننا لو قلنا: لا
(١) فقال: باب الإشارة في الطلاق والأمور، صحيح البخاري/ كتاب الطلاق (٩٤٦) ط. دار السلام.