شهادته، ولكن على القول الراجح: تقبل، وحينئذٍ نقول: ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أي: في الشهادة.
على أنه يمكن أن يقال ـ وهو وجه آخر رد به من رد على كلام الفقهاء ـ قال: إن الله يقول: «﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾، هذا في ابتداء الشهادة، أي: التحمل، فلا تختر إلا عدلاً، لكن عند الأداء نقبل كل من قامت القرينة على صدقه، وفرق بين التحمل الذي يريد أن يختار شهوداً يعتمد عليهم، وبين إنسان أتى بشهود فيما بعد ليثبت بهم الحق، فيفرق هؤلاء العلماء بين التحمل والأداء، فالتحمل لا بد أن يختار ذوي العدل لئلا يقع إشكال في المستقبل، أو ردٌّ للشهادة، لكن عند الأداء فينظر في القضية المعينة.
أما بالنسبة للفاسق، فالفاسق لم يأمر الله بردِّ خبره، لكن قال: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾، فإذا شهد الفاسق بما دلت القرينة على صدقه، فقد تبينا وتبين لنا أنه صادق، وإذا شهد فاسقان يقوى خبرهما، إذ لم يكن بينهما مواطأة، بأن كان كل واحد منهما بعيداً عن الآخر، فشهدا في قضية معينة، فلا شك أن خبرهما يقوي بعضه بعضاً، ولهذا حتى عند علماء المصطلح إذا روى اثنان ضعيفان فإنه يقوى الحديث.
فالحاصل أن الآيتين ليس فيهما دليل على أن العدالة في الشهادة هي ما ذكره الفقهاء ﵏، أما العدالة في الولاية فهي شيء آخر؛ لأن الولي منفذ وآمر، والشاهد طريق إلى الحق فقط، وليس عنده التنفيذ، فيجب أن نشترط في الولي أكثر مما نشترط في الشاهد.