الصاعد، هذا العمود النازل هم الفروع، يعني الأبناء، والبنات، وأولاد الأبناء، وأولاد البنات وإن نزلوا، هؤلاء لا تقبل شهادة بعضهم لبعض وإن كانوا عدولاً، وإن تمت فيهم الشروط الستة السابقة، فلو شهد أب لابنه لم تقبل شهادته، أو ابن لأبيه لم تقبل شهادته، أو شهد ولد لأمه لم تقبل شهادته، أو أم لولدها لم تقبل شهادتها، المهم أن هذا مانع، فما الدليل على كونه مانعاً؟
الدليل قوة التهمة؛ لأن الإنسان متهم إذا شهد لأصله، أو شهد لفرعه، فإذا كان متهماً فإن ذلك يمنع من قبول شهادته لاحتمال أن يكون قد حابى أصوله أو فروعه، فالدليل على أن هذا مانع تعليل، وليس دليلاً من الكتاب والسنة، بل هو قوة التهمة، فإذا علمنا أن التهمة معدومة لكون الأب أو الأم مبرزاً في العدالة لا يمكن أن تلحقه تهمة، فهل نقبل الشهادة أو لا؟ المؤلف يقول: لا نقبل الشهادة حتى لو كان الأب من أعدل عباد الله، أو الابن من أعدل عباد الله؛ لأن كونه في هذه المرتبة من العدالة أمر نادر، والنادر لا حكم له، فالعبرة بالأغلب، والأغلب أن الإنسان تلحقه التهمة فيما إذا شهد لأصوله أو فروعه، ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي غلبت فيه العاطفة على جانب العقل والدين عند كثير من الناس.
وهناك قول آخر في المسألة: أنها تقبل شهادة الأصول لفروعهم، والفروع لأصولهم إذا انتفت التهمة، وأن العبرة في كل قضية بعينها؛ وجه ذلك أن العمومات الدالة على قبول شهادة العدل لا يستثنى منها شيء، إلا بدليل واضح بيِّن يمكننا أن نقابل