للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشَّرطان الأولان فواضحان وأدلتهما ظاهرة.

وأما الثَّالث؛ فمحلُّ خلافٍ بين العلماء (١)، فمن أهل العلم من يقول: إن السَّتر يحصُل بالثَوب المحرَّم؛ لأن جهة النَّهي والأمر مختلفة؛ لأن المحرَّم في هذا الثوب ليس هو لُبْسُه في الصَّلاة حتى نقول: إنه يُعارض الأمر بلُبْسِه في الصَّلاة. بل المحرَّم لُبْسُ هذا الثوب مطلقاً، وعلى هذا فيكون مورد النهي غير مورد الأمر، يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصَّلاة، ثم لَبِستَه، فحينئذ لا تصحُّ صلاتُك؛ لأن مورد الأمر والنهي واحد، والأمر اتِّخاذُ اللباس أو الزِّينة، والنَّهي عن لُبْس الحرير في الصَّلاة، لو كان الأمر كذلك لقلنا: إن الصَّلاة لا تصحُّ لتعارض الأمر والنهي. لكن في مسألتنا النَّهي خارجٌ عن الصَّلاة، لا تلبس الحرير مطلقاً، وهذا الرَّجُل لَبِسَه، فهو آثم بلُبْسِه لا شكَّ؛ لكنه ليس على وجهٍ يختصُّ بالصَّلاة حتى نقول: إنه ينافيها.

وعلى هذا؛ فإذا صَلَّى بثوبٍ مُحَرَّمٍ فصلاتُه صحيحة؛ لكنه آثمٌ؛ لأنه متلبِّسٌ بثوب محرَّم.

الشَّرط الرابع: يُشترط لوجوب السَّتر ألا يضرُّه، فلو كان الثَّوب فيه مسامير، فهل نُلزِمُه بأن يلبس هذا الثَّوب الذي يأكل جلده أو يُدميه؟

الجواب: لا؛ لأن الله تعالى لَمْ يوجب على عباده ما يَشُقُّ عليهم، ثم هو في أثناء صلاته لا يمكن أن يطمئنَّ أبداً.

ولو أنَّ إنساناً في جلده حَسَاسية لا يمكن أن تقبل أيَّ


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>