توهمنا، أو نسينا أنه قد أوفاه، أو ما أشبه ذلك فهنا لا يجوز للقاضي أن يحكم بشهادتهما، ولكن هل يعزر هذان الشاهدان الراجعان؟ ينظر؛ لأنهما قد يتوهمان، وقد ينسيان، المهم إذا لم يعلم أنهما شهدا بزور فلا يعزَّران.
الثانية: إذا شهدا بالمال وحكم القاضي بشهادتهما، وقال للمدعي: حَكمت لك على خصمك بكذا وكذا، ثم رجع الشاهدان، فهنا لا ينقض؛ لأنه تم، ولو أننا نقضنا أحكام الحكام بمثل هذا لصارت أحكام الحكام لعبة، لا سيما في زمننا الحاضر، ولكان كُلُّ من حُكِمَ عليه يذهب إلى الشاهدين، ويقول: هل أعطاكما شيئاً؟ قالوا: ما أعطانا شيئاً لكن شهدنا بالحق، قال: أنا سأعطيكما كذا وكذا من الدراهم، فلما قال هذا الكلام تراجعا عن الشهادة، فكما يمكن لشهداء الزور أن يشهدوا بما لم يكن، يمكن أن يرجعوا عما شهدوا به، فلو أننا نقضنا الحكم برجوع الشهود لصارت أحكام القضاة ألعوبة بيد الشهود، فلا ينقض الحكم.
الثالثة: إذا كان بعد الاستيفاء، يعني شهد الشاهدان وحكم القاضي واستوفى المحكوم له حقه فلا ينقض من باب أولى؛ لأنه إذا كان لا ينقض بعد الحكم وقبل الاستيفاء، فألا ينقض بعد الاستيفاء من باب أولى.
لكن قال الفقهاء: لو رجع الشاهدان بقصاص بعد الحكم وقبل الاستيفاء لم يقتص من المشهود عليه؛ لأن القصاص خطير، لكن تجب الدية، فصار هنا ينقض من وجه ولا ينقض من وجه