وهذا تصريح بمفهوم قوله:«مختار» فلا يصح من مكره؛ لما سبق من قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، ولأن الله رفع حكم الكفر عن المكره في قوله: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦] فكذلك نفوذ تصرفه مرفوع عنه؛ لأنه مكره.
ولكن لو أكره على شيء فأقر بخلافه عيناً أو وصفاً فإنه يؤاخذ بإقراره، ما لم نعلم أنه أراد المبالغة؛ فلو أكره على أن يقر بمائة فأقر بثمانين ثبت الإقرار؛ لأنه ما أكره على الثمانين، بل أكره على المائة، ولو أكره على أن يقر بمائة فأقر بمائتين أخذ بذلك؛ لأنه على خلاف ما أكره عليه، ولو أُكره على أن يقر بهذه السيارة لفلان فأقر بالسيارة الأخرى يؤْخذ بها، ولو أكره على أن يقر بمائة صاع بر رديء فأقر بمائة صاع بر نقي أخذ به، المهم إذا أُكره على شيء فأقر بخلافه عيناً أو وصفاً أخذ بإقراره، ما لم نعلم أنه يريد المبالغة، مثل أن يكرهوه على أن يقر بمائة ويضربوه، فإذا ضربوه وآلموه بالضرب قال: إن أردتم أقر لكم بأن في ذمتي له ألفاً، فهذا خلاف ما أكره عليه، لكن للمبالغة من أجل الفكاك والخلاص من هؤلاء الذين أكرهوه، وصاروا يؤلمونه بالضرب أقر بأكثر مما قالوا.
كذلك لو قالوا: هذه السيارة داتسون موديل سبعة وسبعين وأكرهوه على أن يقر بها لفلان، فقال: أنا أقر أن هذه السيارة «البيوك» لفلان، فإذا علمنا من قرينة الحال أنه أراد المبالغة فهذا لا يؤخذ به؛ لقول الرسول ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل