للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيُّ : «مَنْ تَشبَّه بقومٍ فهو منهم» (١).

قال شيخ الإسلام : «أقلُّ أحوال هذا الحديث التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كُفْرَ المُتشبِّه بهم» (٢). إذاً؛ فلا يقتصر على الكراهة فقط، لأننا نقول: إن العِلَّة في ذلك أن يُشَابه زُنَّار النَّصارى، وهذا يقتضي أن يكون حراماً؛ لقول الرَّسول : «مَنْ تَشَبَّه بقوم فهو منهم» وليس المعنى أنه كافر، لكن منهم في الزِّيِّ والهيئة المشابهة لهم، ولهذا لا تكاد تُفرِّقُ بين رَجُل متشبِّه بالنَّصارى في زِيِّه ولباسه وبين النَّصْرَاني، فيكون منهم في الظَّاهر.

قالوا: وشيء آخر، وهو: أن التشبّه بهم في الظَّاهر يجرُّ إلى التشبّه بهم في الباطن (٣٧٦). وهو كذلك، فإن الإنسان إذا تشبَّه بهم في الظَّاهر؛ يشعر بأنه موافق لهم، وأنه غير كاره لهم، ويجرُّه ذلك إلى أن يتشبَّه بهم في الباطن، فيكون خاسراً لدينه ودُنياه، فاقتصار المؤلِّف على الكراهة فيما يُشبه شَدَّ الزنَّار فيه نظر، والصَّواب: أنه حرام.

فإن قال قائل: أنا لم أقصد التشبُّهَ؟ قلنا: إن التشبُّهَ لا يفتقر إلى نيَّة؛ لأن التشبُّهَ: المشابهة في الشَّكلِ والصُّورة، فإذا حصلت، فهو تشبُّه سواء نويت أم لم تنوِ، لكن إن نويت صار أشَدَّ وأعظم؛ لأنك إذا نويت، فإنما فعلت ذلك محبَّةً وتكريماً وتعظيماً لما هم عليه، فنحن ننهى أيَّ إنسان وجدناه يتشبَّهُ بهم في


(١) تقدم تخريجه (١/ ١٦٨).
(٢) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٤١، ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>