للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَمسْتَها» (١) وظاهر هذا أنه في الملوَّن، وليس في المجسَّم، لأنه لو كان في المجسَّم لقال: إلا كسرتها أو نحو ذلك.

ومع الأسف؛ أصبح هذا في عصرنا الحاضر فنًّا يُدرَّس ويُقَرُّ ويُمدحُ عليه الإنسانُ، فإذا صَوَّرَ الإنسانُ بقرةً أو بعيراً أو إنساناً، قالوا: ما أحْذَقَهُ! وما أقْدَرَه!، وما أشبه ذلك، ولا شَكَّ أن هذا رِضاً بشيءٍ من كبائر الذُّنوبِ، والنبيُّ قال ـ فيما يرويه عن الله : «ومَنْ أظلمُ ممن ذهبَ يخلقُ كخلقي» (٢)، أي: لا أحد أظلم ممن أراد أن يُشَارك الخالق في صنعه، هذا ظلم واجتراء على الله ﷿، تُريد أن تشبِّه نفسك ـ وأنت مخلوق ـ بالخالق، ثم تحدَّاهم الله فقال: «فليخلقوا ذَرَّة أو ليخلقوا شعيرة»، تحدَّاهم الله بأمرين: بما فيه رُوح، وهو من أصغر المخلوقات وهو الذَّرُّ، وبما لا رُوح فيه وهو الشَّعيرة، فهم لا يقدرون على هذا لو اجتمعوا من آدم إلى يوم القيامة.

فإن قيل: الآن يوجد أَرُز صناعي يشبه الحقيقي، فهل صناعته محرَّمة؟ فالجواب: ليس هذا كالأَرُز الحقيقي، فإنك لو ألقيته في الأرض وصَبَبْتَ عليه الماء ليلاً ونهاراً ما نبت. لكن ما الذي ينبت؟

الجواب: الذي ينبت هو صُنْع الله ﷿ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾ [الأنعام: ٩٥] فإذاً؛ ليس هذا كسراً


(١) رواه مسلم، كتاب الجنائز: باب الأمر بتسوية القبر، رقم (٩٦٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب اللباس: باب نقض الصور، رقم (٥٩٥٣)، ومسلم، كتاب اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١١١) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>