للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الذَّهب أبعد من الصدأ بخلاف الفِضَّة، ولهذا لما اتَّخذ بعض الصَّحابة أنفاً من فِضَّة ـ لما قُطعَ أنفُه في إِحدى المعارك (يوم الكُلاب في الجاهليَّة) ـ أنتن، فأمرهُ

النبيُّ أن يتَّخذ أنفاً من ذهب (١)، لأنه لا يُنتن.

ومأخذ اشتراط الحاجة في الحديث: أن النبيَّ لم يتَّخذْها إِلا لحاجة، وهو الكسر.

قوله: «لحاجة»، قال أهل العلم: الحاجة أن يتعلَّق بها غرضٌ غير الزِّينة (٢)، بمعنى أن لا يتَّخذها زينة. قال شيخ الإِسلام: وليس المعنى: ألا يجدَ ما يجبر به

الكسرَ سواها؛ لأن


(١) هو عَرفَجة بن أسعد. والحديث رواه أحمد (٥/ ٢٣)، وأبو داود، كتاب الخاتم: باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب، رقم (٤٢٣٢)، والنسائي، كتاب الزينة: باب مَنْ أُصيب أنفُه هل يتخذُ أنفاً من ذهب (٨/ ١٦٣)، والترمذي كتاب اللباس: باب ما جاء في شدِّ الأسنان بالذهب، رقم (١٧٧٠)، عن جمع منهم: ابن المبارك؛ وابن مهدي؛ ويزيد بن هارون، عن أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن جده عرفجة بن أسعد .. الحديث.
ـ وأعلَّه ابن القطان وابن حجر بأنه قد اختُلف في إِسناده، فرواه ابن علية، وإِسماعيل بن عيّاش، عن أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن أبيه طرفة، عن عَرفجة به. وطرفة بن عرفجة مجهول.
«بيان الوهم والإِيهام» رقم (٤٤٣)، «تهذيب التهذيب» (٥/ ١١)، (٧/ ١٧٦).
قلت: نصَّ المزيُّ وغيره على أن المحفوظ هو الوجه الأول دون الثاني، وعليه تكون رواية ابن عياش وابن عُليَّة شاذة غير محفوظة؛ لأنهما خالفا جمعاً من الحفَّاظ.
انظر: «تهذيب الكمال» (١٧/ ١٩٢)، «علل الترمذي الكبير» (٢/ ٧٣٩).
وعبد الرحمن بن طرفة هذا قد رأى جده عرفجة.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(٢) انظر: «الإِنصاف» (١/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>