للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لئلاَّ ينشغل قلبُه (١)، لكن هذه العِلَّة أيضاً فيها نظر؛ لأن مقتضاها ألا يكون النَّهيُ إلا والإبل موجودة، ثم قد تنتقض بمرابض الغنم. فالغنم تهيج وتُشغل، فهل نقول: إنها مثلها؟ لا.

وقال بعضُ أهل العلم: إنما نُهي عن الصلاة في مبارك الإبل أو أعطانها؛ لأنها خُلقت من الشياطين، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح (٢)، فإذا كانت مخلوقة من الشياطين، فلا يبعد أن تصحبها الشياطين، وتكون هذه الأماكن مأوى للإبل ومعها الشياطين، وتكون الحكمة في النهي عن الصلاة فيها كالحكمة في النهي عن الصلاة في الحمَّام، وهذا الذي اختاره شيخُ الإسلام ابن تيمية (٣) ، وهو أقرب ما يُقال في الحكمة، ومع ذلك فالحكمة الأصيلة هي التعبُّد لله بذلك.

ويُشبهُ في السؤال عن الحكمة ما يفعله بعض الناس إذا وَرَدَ عليه الأمر قال: هل هو للوجوب؟ وإذا وَرَدَ عليه النَّهيُ قال: هل هو للتَّحريم؟ ومثلُ هذا السؤال لا ينبغي؛ لأنه ينبئ عن التَّردُّد في الامتثال؛ ولأنَّ الصحابة وهم أشدُّ الناس حرصاً على التزام حدود الله؛ لم يكونوا يسألون رسولَ الله عن الأمر إذا ورد عليهم؛ هل هو للاستحباب أو للوجوب؟ ولا عن النَّهي؛ هل هو للتنزيه أو التحريم؟ بل يمتثلون الأمر؛ ويجتنبون النَّهيَ دون سؤال، ولا ريب أن هذا أكمل في التعبُّد والامتثال.


(١) انظر: «المجموع شرح المهذَّب» (٣/ ١٦١).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٤٢).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٤١)، (٢١/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>