للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يُقاس عليه، نقول في جوابه: ما خرج عن الأصل لعِلَّة معقولة فلا مانع من أن يُقاس عليه؛ لأنَّ القاعدة العامَّة في هذه الشَّريعة: «أنها لا تُفرِّقُ بين متماثلين، ولا تجمع بين متفرِّقين». فإذا علمنا أنَّ الشَّارع إنما رَخَّص في الصَّلاة حيث كان وجهه على بعيره من أجل أن يحمل النَّاسَ على كَثْرَة النَّوافل ولا يحرمهم، نقول: هذا أيضاً في الماشي. وكثيرٌ من النَّاس المسافرين لا يجدون مركوباً فتجدهم يمشون مع الرُّكبان على أقدامهم من بلادهم، إلى أن يرجعوا إلى بلادهم، وهذا شيء معلوم يعرفه النَّاس من قَبْلُ لمَّا كانوا يسافرون على الإبل.

لكن ماذا يستقبل؟ بيَّنت السُّنَّة أنَّ قِبْلَتَهُ جهةُ سيره، فلا بُدَّ أن يكون متَّجهاً إمَّا إلى القِبْلة، وإما إلى جهة سيره، فلو حَرَفَ البعيرَ عن جهة سيره إلى جهة القِبْلة صَحَّ؛ لأنَّها الأصل، ولو حَرَفَها عن جهة سيره لغير القِبلة فقد قال العلماء: لا يجوز (١)، لأنَّه خرج عن استقبال القِبْلة؛ وخرج عن استقبال جهة سيره التي أباح الشَّارع أن تكون قِبْلته من أجل تسهيل سيره، فإذا عدل بها عن جهة سيره فإنها تبطل.

أما إذا عَدَلت به الدَّابة؛ فقال بعض أهل العلم: إن طال الفصل بطلت صلاته، وإن لم يطلْ لم تبطل صلاته (٢).

والصَّحيح: أنه إذا عَجَزَ عن ردِّها لم تبطل مطلقاً، لأنه يدخل في العاجز عن استقبال القِبْلة، ولو طال الفصلُ.


(١) انظر: «المغني» (٢/ ٩٨).
(٢) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>