نصفين والمغرب نصفين. والنُّجوم الجنوبية التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين. فالجنوبية من جهة الجنوب، والشمالية من جهة الشمال، لكن هذه لا يعرفها إلا من تَمَرَّسَ وكان في البَرِّ، وليس حوله أنوار كهرباء بحيث يعرف هذه النُّجوم، والذين يعرفونها يستطيعون أن يحكموا على الليل والنهار بالسَّاعات، بل بأقلَّ من السَّاعات، فيقولون: الآن ذهب من الليل نصفُه، ذهب رُبعُه، ذهب ثُمنُه، ذهب عُشرهُ، ويستدلُّون على ذلك بهذه المنازل.
وقال بعضُ العلماء: يُستدلُّ أيضاً بالجبال الكِبَار (١).
وقال بعضهم: يُستدلُّ بالأنهار ومصابِّها (٥٢٤).
وقال بعضهم: يُستدلُّ بالرِّياح (٥٢٤).
لكن هذه الثلاثة دلالتها خفيَّة، ولهذا أغفلها المؤلِّف ﵀ ولم يذكرها، فإن من النَّاس من يكون عنده قوَّة إحساس؛ بحيث يقول لك: الهواءُ جنوبي، الهواءُ شرقي، الهواءُ غربي ـ ولو كان أعمى ـ، ويَستدلُّ بالرِّياح على الجهات.
وفي زمننا هذا أنْعَمَ اللَّهُ ﷾ بالآلات الدَّقيقة التي يُستدلُّ بها على جهة القِبْلة، بل إنني سمعت أنه يوجد آلات يُستدلُّ بها على عين القِبْلة؛ لأنهم يقولون: إن الكعبة هي مركز الكُرَة الأرضيَّة، وأنهم الآن توصَّلُوا إلى آلات دقيقة يكون اتجاهُها دائماً إلى مركز الأرض وهو وسطها.