للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّواب: أنَّ الحضر والسَّفر كلاهما محلٌ للاجتهاد، فإن الإنسان في الحضر قد يصعد إلى السَّطح في الليل، وينظر إلى القُطب ويَستدلُّ به، وفي النهار ينظر إلى الشمس تشرق من المشرق وتغرب من المغرب، والعلامات التي في السَّفر هي علامات في الحضر.

وأما قولهم: إنه لا اجتهاد في الحضر؛ لأنه يَستدلُّ على ذلك بخبر أهل البلد وبالمحاريب الإسلامية، فنقول: إذا كان من أهل الاجتهاد فلا مانع أن يجتهد في الحضر كما يجتهد في السَّفر.

فالصَّواب: أنه إذا اجتهد في الحضر فإنه تصحُّ صلاته، فإن أصاب فالأمر ظاهر، وإن لم يُصب فإنه اجتهد وأخطأ وله أجر، وإذا اجتهد فلا إعادة عليه مطلقاً؛ سواء أصاب أم لم يصب؛ لأنه فعل ما يجب عليه، ومن فعل ما وجب عليه فقد اتّقى الله ما استطاع، ومن اتَّقى الله ما استطاع فليس عليه أن يُصلِّي مرَّتين؛ لأن الله لم يوجب على عباده العبادة مرَّتين إذا أَتَوا بها على الوجه الذي أُمِرُوا به.

مسألة: إذا كان من غير أهل الاجتهاد في الحضر، واستند إلى قول صاحب البيت، وتبيَّن أنَّ قول صاحب البيت خطأ، فالمذهب أنه يُعيد (١)؛ لأنه سبقَ أنه لا بُدَّ أن يستند إلى قول ثقة بيقين (٢).

والصَّحيح: أنه لا يُعيد، لأن هذا الإنسان استند إلى خبر


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٣٥).
(٢) انظر: ص (٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>