للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الثاني: فإذا علَّق القطع على شرط، فالمذهب: أنها تبطل.

وأما الثالث: فإذا تردَّد هل يقطعها أم لا؟ فالمذهب أنها تبطل، والصَّحيح في المسألتين: أنها لا تبطل.

الرَّابع: إذا عزم على فعل محظور ولم يفعله، فهنا لا تبطل؛ لأن البطلان هنا معلَّق بفعل المحظور ولم يوجد.

وإِذَا شَكَّ فِيهَا استَأْنَفَها.

قوله: «وإذا شَكَّ فيها استأنفَها»، أي: إذا شكَّ هل نوى أم لم ينوِ، فإنه يستأنفها؛ أي: الصَّلاة؛ وذلك لأنَّ الأصل العدم.

ولكن يبقى: هل هذه الصُّورة واردة، بمعنى: هل يمكن أن يأتي إنسان ويتوضَّأ ويقدم إلى المسجد ويكبِّر ويقول: أنا أشكُّ في النيَّة؟ الظاهر: أن هذا لا يمكن، وأن المسألة فرضيَّة، إلا أن يكون موسوساً والموسوس لا عِبْرَة بشكِّه، ولهذا قال الناظم:

والشكُّ بعد الفعل لا يؤثِّر

وهكذا إذا الشكوك تكثر (١)

فإذا كثُرت الشكوك فهذا وسواس لا يُعتدُّ به، ولهذا فإنَّ تَصوُّرَ هذه المسألة صعب؛ لأنه من المستحيل أن يكون إنسان عاقل يدري ما يفعل؛ أن يأتي ويدخل في الصلاة، ويكبِّر ويقرأ؛ ثم يقول: أنا شككتُ في النيَّة، ولهذا قال بعض أهل العلم: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يُطاق (٢). لكن على تقدير وجوده ـ ولو نظريًّا ـ فإننا نقول: إذا شكَّ في النيَّة وجب أن يستأنف العبادة؛ لأن الأصل عدم الوجود، وهو قد شكَّ في


(١) انظر: «منظومة في أصول الفقه وقواعد فقهية» للمؤلف ص (١٠).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ٢٦٢)، «إغاثة اللهفان» (١/ ١٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>