للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلَّ أصحاب هذا القول: بأن النبيَّ قام يُصلِّي في رمضان ذات ليلة فاجتمع إليه ناس فصلُّوا معه، ولم يكن قد عَلِمَ بهم، ثم صَلَّى في الثَّانية والثَّالثة وعَلِمَ بهم، ولكنه تأخَّر في الرَّابعة خوفاً من أن تُفرض عليهم (١)، وهذا قول الإمام مالك (٢) وهو أصحُّ.

ولأن المقصود هو المتابعة، وقد حصلت، وفي هذه الحال يكون للمأموم ثواب الجماعة، ولا يكون للإمام؛ لأن المأموم نوى فكان له ما نوى، والإمام لم ينوِ فلا يحصُل له ما لم ينوه.

الصُّورة الخامسة: أن ينويَ الإمامُ دون المأموم، كرَجُلٍ جاء إلى جَنْبِ رَجُل وكبَّر، فظنَّ الأول أنه يريد أن يكون مأموماً به فنوى الإمامة، وهذا الرَّجُل لم ينوِ الائتمام، فهنا لا يحصُل ثواب الجماعة لا للإمام ولا للمأموم؛ لأنَّه ليس هناك جماعة، فالمأموم لم يأتمَّ بالإمام ولا اقتدى به، والإمام نوى الإمامة لكن بغير أحد، فلا يحصُل ثواب الجماعة من غير أن يكون هناك جماعة.

ولو قال قائلٌ بحصول الثواب للإمام في هذه الصُّورة لم يكن بعيداً؛ لعموم قوله : «إنَّما الأعمالُ بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى» (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة: باب من قال في الخطبة بعد الثناء. أما بعد، رقم (٩٢٤)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين: باب الترغيب في قيام رمضان، رقم (٧٦١) عن عائشة .
(٢) انظر: «مواهب الجليل» (١/ ٣٧٦، ٣٧٧).
(٣) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>