للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأنفوا الصَّلاة أخرجهم من فرض، والخروج من الفرض لا يجوز إلا بسبب شرعي يُبيح ذلك، وليس هذا سبباً شرعيًّا، ولهذا قال العلماء: من دخل في فرض حَرُمَ عليه قطعه إلا بعُذر (١)، وهذا ليس بعُذر؛ فالأصل صحَّة صلاتهم، وعدم جواز الخروج منها، فإن لم يستخلفْ فلهم أن يقدِّموا أحدَهم ليتمَّ بهم الصَّلاة، فإن لم يفعلوا أتمُّوها فُرادى، ولكن الأَوْلَى أن يستخلفَ؛ لئلا يحصُل عليهم تشويش.

تنبيه: ليس هناك شيءٌ تبطلُ به صلاةُ المأموم ببطلان صلاة الإمام على القول الرَّاجح؛ إلا فيما يقوم فيه الإمامُ مقامَ المأموم، والذي يقوم فيه الإمامُ مقامَ المأموم هو الذي إذا اختلَّ اختلت بسببه صلاةُ المأموم؛ لأنَّ ذلك الفعل من الإمام للإمام وللمأمومين، مثل: السُّترة؛ فالسُّترة للإمام سُتْرَة لمن خلفه، فإذا مرَّت امرأة بين الإمام وسُترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأموم؛ لأنَّ هذه السُّترة مشتركة، ولهذا لا نأمر المأموم أن يتَّخِذَ سُترة، بل لو اتَّخذ سُترة لعُدَّ متنطِّعاً مبتدعاً، فصار انتهاك السُّترة في حَقِّ الإمام انتهاكاً في حَقِّ المأموم، فبطلت صلاة المأموم كما بطلت صلاة الإمام.

وهنا قاعدة مهمَّة وهي: أنَّ من دخل في عبادة فأدَّاها كما أُمِرَ؛ فإننا لا نُبْطِلُها إلا بدليل؛ لأن الأصلَ الصِّحةُ وإبراءُ الذِّمة؛ حتى يقوم دليل البطلان.

انتهى بحمد الله تعالى المجلَّدُ الثَّاني

ويليه بمشيئة الله ﷿ المجلَّدُ الثالث

وأوَّله: «باب صفة الصَّلاة».


(١) انظر: «الإنصاف» (٧/ ٥٤٩، ٥٥٠)، «الإقناع» (١/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>