للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقترعون عليه؛ فإذا جاء اثنان للصفِّ الأول، فقال أحدهم: أنا أحقُّ به منك، وقال الآخر: أنا أحقُّ، قال: إذاً نقترعُ، أيُّنا يكون في هذا المكان الخالي. ومِنْ لَعِبِ الشيطان بكثير من الناس اليوم: أنهم يرون الصفَّ الأول ليس فيه إلا نصفُه، ومع ذلك يشرعون في الصفِّ الثاني، ثم إذا أُقيمت الصلاة، وقيل لهم: أتمُّوا الصفَّ الأول، جعلوا يتلفَّتون مندهشين، وكل ذلك في الحقيقة سببه:

أولاً: الجهل العظيم.

وثانياً: أن بعضَ الأئمة لا يبالون بهذا الشيء، أي: بتسوية المأمومين، وتراصِّهم وتكميلِ الأول فالأول، والأمرُ بالتسوية سُنَّة عند الحاجة إليها، أي: مع عدم استواء الصَّفِّ، وليست سُنَّةً مطلقةً، لكن ينبغي أن تكون سُنَّة مؤثِّرة، بحيث إذا وَجَد الإِمامُ واحداً متقدِّماً قال له: تأخَّر يا فلان، ولقد سبق قول الرَّسول حينما رأى رَجُلاً بادياً صدره (١)، وكان يُسوِّي الصفوفَ بيده، ويمسحُ المناكبَ (٢) والصُّدورَ مِن طَرَف الصفِّ إلى طَرَفه (٣)، والواجب على الإِمامِ أن يصبرَ ويعوِّدَ النَّاسَ على تسويةِ الصَّفِّ، حتى يسوُّوا الصفوفَ، ولا يمكن لإنسان مؤمن يبلُغُه أنَّ الرَّسولَ قال:


(١) تقدم تخريجه ص (٩).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها (٤٣٢) (١٢٢).
(٣) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٨٥، ٢٩٧)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف (٦٦٤)؛ والنسائي، كتاب الإمامة، باب كيف يقوِّم الإمام الصفوف (٨١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>