للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ ـ هل مِن استواء الصُّفوفِ أن يتقدَّمَ الرِّجَالُ ويتأخَّرَ الصبيان؟.

قال بعض العلماء (١): إنَّ هذا مِن تسوية الصُّفوفِ وكمالِها، أنْ يكون الرِّجالُ البالغون هم الذين يلون الإِمامَ، وأن يكون الصبيانُ في الخلفِ، فإذا كان عندنا مِئَةُ رجُل يمثِّلون صَفًّا، ومِئَةُ صبيٍّ يمثِّلون نصف الصَّفِّ، نجعلُ المِئَةَ الرَّجُل الصفَّ الأول، ومِئَةَ الطفل الصفَّ الثاني، حتى لو تقدَّم صبيٌّ إلى الأول أخَّرْنَاه؛ لأنَّ استواء الصفِّ أن يكون الرِّجالُ البالغون هم المقدَّمون.

واستُدِلَّ لذلك: بقول الرسول : «لِيَلِني منكم أُولُو الأحْلامِ والنُّهى» (٢).

ولكن في هذا نظرٌ، بل نقول: إنَّ الصبيان إذا تقدَّموا إلى مكان، فهم أحقُّ به مِن غيرهم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبقَ إلى ما لم يسبق إليه أحدٌ فهو أحقُّ به، والمساجدُ بيوتُ الله، يستوي فيها عباد الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصفِّ الأول ـ مثلاً ـ وجَلَسَ فليكنْ في مكانِه، ولأننا لو قلنا بإزاحة الصِّبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد أدى ذلك إلى لَعبِهم؛ لأنَّهم ينفردون بالصَّفِّ، ثم هنا مشكل، إذا دخل الرِّجالُ بعد أن صفَّ الجماعة هل يُرجعونهم، وهم في الصلاة؟ وإن بَقَوا صفًّا كاملاً فسيُشوِّشون على مَنْ خلفَهم مِن الرِّجَال.

ثم إنَّ تأخيرهم عن الصَّفِّ الأول بعد أن كانوا فيه يؤدِّي إلى محذورين:


(١) انظر: «الإنصاف» (٤/ ٤٢٧).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>