للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «وتعالى جدُّك» «تعالى» أي: ارتفعَ ارتفاعاً معنوياً، والجَدُّ: بمعنى العظمة، يعني: أنَّ عظمتَك عظمة عظيمة عالية؛ لا يساميها أي عظمة مِن عظمة البشر، بل مِن عظمة المخلوقين كلهم.

قوله: «ولا إله غيرك» هذه هي كلمةُ التوحيدِ التي أُرسل بها جميعُ الرُّسل كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ *﴾ [الأنبياء] وكما قال : «ومَن كان آخرُ كلامِه مِن الدُّنيا لا إله إلا الله دَخَلَ الجنَّةَ» (١) فهي أفضلُ الذِّكرِ، ومعناها: لا معبودَ حقٌّ إلا الله. فـ «إله»: بمعنى مألوه، وهو اسمٌ، «لا»: النافية للجنس، وخبرها محذوف تقديره: حقّ، «إلا الله»: «إلا» أداة استثناء، و «الله» بدل مِن الخبر المحذوف، هذا أصحُّ ما قيل في معناها وفي إعرابها.

إذاً معناها: لا معبودَ حقٌّ إلا الله، فهل هناك معبودٌ باطلٌ؟

الجواب: نعم، هناك معبودٌ باطلٌ وهو مَنْ سِوى الله؛ لقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢]. وهذه الآلهة وإن سُمِّيت آلهة فما هي إلا أسماء لا حقيقة لها، فهي باطلة كما قال تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [النجم: ٢٣]. وهذه الكلمة لها مقتضى، فمقتضاها التسليم التام لله ﷿؛ لأن العبادة مأخوذة من الذُّلِّ، ومنه: طريق معبَّد، أي: مذلَّل


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٣٣، ٢٤٧)؛ وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في التلقين (٣١١٦)؛ والحاكم (١/ ٣٥١) وصحَّحه ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>