للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البقرةِ، ثم بالنِّساءِ، ثم آل عمران (١)، وهذا على غير التَّرتيبِ المعروف، قالوا: وفِعْلُ النبيِّ دليلٌ على الجواز.

وأما الذين قالوا بالكراهة، فقالوا: إنَّ الصَّحابةَ وَضَعُوا المُصحفَ الإِمام ـ الذي يكادون يجمعون عليه ـ في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وَضَعوه على هذا التَّرتيب (٢)، فلا ينبغي الخروجُ عن إجماعهم، أو عمَّا يكون كالإِجماع منهم؛ لأنَّهم سلفُنا وقدوتُنا، وهو من سُنَّة الخليفة الراشد عثمان بن عفان ، وقد أُمِرْنَا باتِّباعِه. ولأنه قد يكون فيه تشويشٌ على العامة، وتَنَقُّصٌ لكلام الله ﷿ إذا رأوا أنَّ النَّاسَ يقدِّمون، ويؤخِّرون فيه.

ولكن؛ القول بالكراهة قولٌ وسطٌ، فيقال: إنَّ الصحابةَ لم يجمعوا على هذا الترتيب، فإن في مصاحف بعضِهم ما يخالف هذا التَّرتيب كمصحف ابن مسعود ، وأما قراءة النبيِّ في حديث حذيفة «النساء» قبل «آل عمران» فهذا ـ لعلَّه ـ قبل العرضة الأخيرة؛ لأنَّ جبريلَ كان يُعارِضُ النَّبيَّ القرآن في كُلِّ رمضان (٣)، فيكون ما اتَّفق عليه الصحابةُ أو ما كادوا يتَّفقون عليه هو الذي استقرَّ عليه الأمر، ولا سيما وأنَّ رسولَ الله كان يقرُنُ بين البقرة وآل عمران (٤)، مما يدلُّ


(١) تقدم تخريجه ص (٦٧)، حاشية رقم (٤).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن (٤٩٨٧).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي (٤٩٩٧)؛ ومسلم، كتاب الفضائل، باب جوده (٢٣٠٨) (٥٠).
(٤) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة (٨٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>