للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الثاني: فيُنزَّه عن التَّعبِ فيما يفعله، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ *﴾ [ق] فالقُدْرَة والخلق لا شَكَّ أنها كمال، لكن قد يعتريها النقص بالنسبة للمخلوق، فالمخلوق قد يصنع باباً، وقد يصنع قِدْراً، وقد يبني بناءً، ولكن مع التعب والإِعياء، فيكون هذا نقصاً في الكمال. أمَّا الرَبُّ ﷿؛ فإنَّه لا يلحقُه تعبٌ ولا إعياءٌ، حتى مع خَلْقِهِ لهذه المخلوقات العظيمة السماوات والأرض، وفي هذه المدَّة الوجيزة.

وأما الثالث: مماثلة المخلوقين، فإن مماثلة المخلوقين نقصٌ؛ لأن إلحاق الكامل بالناقص يجعله ناقصاً، بل مقارنة الكامل بالناقص يجعله ناقصاً كما قيل:

ألم تَرَ أنَّ السَّيفَ ينقصُ قَدْرُه إذا قيل: إنَّ السيفَ أمضى مِن العَصَا

لأنك لو قلت: عندي سيف حديد قويٌ أمضى مِن العصا. فسيفهم الناس مِن هذا السيف أنه ضعيف؛ لأن قولك: «أمضى مِن العصا» معناه: أنه ليس بشيء.

وقوله: «رَبِّي العظيم». العظيم في ذاتِهِ وصفاتِهِ، فإنه في ذاته أعظم مِن كلِّ شيء، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ *﴾ [الأنبياء].

وطَيُّ السِّجِلِّ للكُتُب سهل جدًّا، إذا كَتَبَ الإِنسانُ وثيقةً فطيُّها عنده سهل، وقال ﷿: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>