للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقتصر على ذلك ويقفُ ساكتاً، والدَّليلُ قوله : «إذا قال الإِمامُ: سَمِعَ اللهُ لمن حِمِدَه؛ فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ» (١). ولكن عند التأمل نجد أنَّ هذا القولَ ضعيفٌ، وأنَّ الحديثَ لا يدلُّ عليه، وأنَّ المأموم ينبغي أن يقول كما يقول الإِمامُ والمنفردُ، يعني: يقول بعد رَفْعِهِ: «مِلءَ السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» وذلك لأن النبيَّ قال: «إذا قال الإِمام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ» فَجَعَلَ قولَ المأموم: «رَبَّنا ولك الحمدُ» معادلاً لقول الإمام: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه»، والإِمام يقول: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» في حال الرَّفْعِ، فيكون المأموم في حال الرَّفْعِ يقول: «رَبَّنا ولك الحمدُ»، أما بعد القيام فيقول: «مِلءَ السماوات … » إلخ لقوله : «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» (٢) وهذا هو القول الرَّاجح في هذه المسألة.

وعُلِمَ مِن كلام المؤلِّف: أنَّ المأمومَ لا يقول: «سَمِعَ اللهِ لمَن حَمِدَه» وهو كذلك.

فإذا قال قائل: ما الجوابُ عن قوله : «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي»، وقد كان يقول: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» فيقتضي أنَّ المأمومَ يقول ذلك؟.

فالجوابُ على هذا سهلٌ: وهو أن قوله : «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» عامٌ، وأما قوله : «وإذا قال: سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه»، فقولوا: «رَبَّنا ولك الحمدُ» فهذا خاصٌّ، والخاصُّ يقضي على العامِّ، فيكون المأموم مُستثنى مِن هذا العموم بالنسبة لقول:


(١) تقدم تخريجه ص (٩٨).
(٢) تقدم تخريجه ص (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>