للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك: حديث ابن عباس عن النبيِّ أنه قال: «أُمِرْتُ أن أسجُدَ على سَبْعَة أعظُم: على الجبهة ـ وأشار بيده على أنفه ـ، واليدين، والرُّكبتين، وأطراف القدمين، ولا نَكْفِتَ الثِّيابَ والشَّعْرَ» (١) وهنا لو كان الأنفُ من الجبهة حكماً وحقيقةً ما أشار إليه، ولو كان عضواً مستقلاً لنصَّ عليه، وجَعَله مستقلاً، فكانت الأعضاءُ ثمانية. إذاً فهو تابع، فهو من الجبهة حُكماً لا حقيقة، ولهذا أشار إليه النبيُّ إشارة.

وقوله: «ثم يديه» أي: كفَّيه، كما في الحديث؛ لأن اليَد عند الإِطلاق هي الكفُّ فقط، كما في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ الآية [المائدة: ٣٨]، وقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ الآية [المائدة: ٦]، فالمراد باليدين في الآيتين الكفُّ، ولهذا يُقطع السارقُ مِن مفصلِ الكفِّ، وفي التيمم أرى النبيُّ عمارَ بن ياسر كيف مَسْح اليدين، فمسحَ ظاهرَ كفَّيه، ومسحَ الشمالَ على اليمين (٢).

إذاً؛ كلامُ المؤلِّف لا يُعارِض الحديثَ، لأن اليدين عند الإِطلاق يُراد بهما الكفُّ، وأما إذا قُيِّدت اليدُ فعلى حسب ما قُيِّدت به، كما في قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ الآية [المائدة: ٦].


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب السجود على الأنف (٨١٢)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة (٤٩٠) (٢٣٠).
(٢) تقدم تخريجه (١/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>